الجمعة، 1 يوليو 2016

الذات العليا - فاديم زيلاند


هنالك تفسيرات متعددة على مدى التاريخ ، تحاول أن تتناول موضوعة القدر ، بعضهم يرى أن القدر هو هو المصير المحتوم ، ولكن كم يبدو هذا التفسير مخيفا ، فإذا كان قدرك أن تكون ضعيفا ، فقيرا ، بشعا ، منبوذا ، فلا أمل لك في تغيير ما أنت عليه ، وإذا حالفك الحظ وكان قدرك أن تكون قويا ، غنيا ، جميلا ، محبوبا ، فلا حاجة لك أن تفعل شيئا ، فهل فعلا الحياة كذلك وبتلك القسوة والظلم ؟ بلا مكان لأي أمل في التغيير ، ولو تساءل تعيس الحظ ، عن ما هي الخطايا التي ارتكبها لتكون الحياة بتلك القسوة ، وماذا عليه أن يفعل ، فستكون هناك إجابات جاهزة وكثيرة ، ( مثلا ) لقد فعلت أشياء سيئة في حياتك السابقة وقانون الكارما يعيد إليك ما قمت به من أفعال ، ( أو ) إذا صبرت ورضيت وتحملت المعاناة سيكون لك جنّة في الحياة القادمة ، ( أو ربما ) أنت تعاني لأنك تطلب الكثير، فقط كن سعيدا ، ولكن كل هذه الإجابات ليس فيها حلول حقيقية وعادلة لتلك المعضلة ، فما يهتم به الفرد هو معاناته الآن ، إن حياة سابقة لا يتذكرها أو حياة قادمة لا يعلم عنها شيئا ، لن تحل له مشكلته مع الواقع ، وتقبّل الواقع كما هو دون أي أمل في تغييره مع ادعاء السعادة أيضا لن يحل شيئا ، هي فقط سعادة ظاهرية لا علاقة لها بالواقع . 
ولو تتطلعنا من زاوية أخرى سنرى أنه على الطرف الآخر من يؤمنون بأن المثابرة والعمل والكد والجهد الكبير ، يمكنه تغيير الواقع ، يؤمنون وبشكل قطعي بأن صناعة القدر ممكنة ولكن طريقها صعب جدا ، لقد قرأنا كثيرا عبر التاريخ عن أبطال عظام ، بذلوا الكثير وضحوا بالكثر حتى وصلوا إلى أهدافهم ، بالعمل المضني والتضحيات الكبيرة ، ولكن هذه النظرة أيضا هي قاسية جدا عن الحياة ، فهي تتطلب البذل الكبير دائما ، ولا تضمن لك النجاح دائما ، فإلى جانب من نجحوا ، هناك الكثير الكثير ممن بذلوا كل ما استطاعوا دون نجاح يذكر .

هناك مخرج بقدر ما هو سهل هو ممتع ، مختلف عن كل البدائل المعروضة سابقا ، لأنه ضمن مستوى مختلف ، فالقدر بحسب الترانسرفنغ يعتمد على نظرة مختلفة تماما عن العالم.
لقد تراكمت منذ فجر التاريخ ، نظريات مختلفة في توافقات وتناقضات كثيرة ، لمحاولة كشف اللثام عن حقيقة العالم ، وكلما حاولت أي نظرة كشف اللثام عن الوجه الحقيقي للعالم ، فإن العالم يستجيب لتلك النظرة ، يرى الماديون - مثلا - أن المادة تنتج الوعي والكون يوافق على ذلك ، بينما يرى المثاليون أن الوعي ينتج المادة والكون مرة أخرى يوافق على ذلك ، وذلك لأن النقاط الأساسية ( المسلمات ) ، يأخذها العلم كما هي دون اكتراث يذكر حول كيف ولماذا كانت هذه المسلمات هكذا ، ترى مكنيكا الكم على سبيل المثال أن الجسيمات ما تحت المستوى الذري لها خصائص متناقضة ، فهي جسيم في حالات معينة وموجة في حالات أخرى ، وأما عن سؤال لماذا هي كذلك فليس للعلم أدنى إجابة ، الحقيقة أن هكذا سؤال هو خارج عن نطاق العلم منذ الأساس ، ومع ذلك فإن كل ما بني على فكرة الجسيم كان صحيحا وبنتائج صحيحة ، وما بني أيضا على فكرة الموجة كان صحيحا ، وما بني على الخاصية المزدوجة ( جسيم / موجة ) كان أيضا صحيحا ، إن العالم في شكلية إظهاره للحقيقة هو على هذه الحال ، لأن الحقيقة الكلية لانهائية التشكل ، وكلما نظرنا إلى جزء من هذه الحقيقة فإن هذا الجزء سيعكس نظرتنا ، أي ما نختاره نحصل عليه . وهذا يحدث تحديدا لأن تجليات حقيقة العالم تأتي عبر حركة المادة ، فلو تتبعنا حركة نقطة مادية ما يمكن رسمها على المستوى الديكارتي ، ويمكن إيجاد دالة حسابية تمثل حركة تلك النقطة ، ولكن الدالة الحسابية التي تعبر عن مسار تلك النقطة ، ليست سوى أرقام مجردة ابتدعناها لوصف حركة تلك النقطة ، إي لوصف الحقيقة كما تجلت لنا ، ولكن من الجانب الآخر فإن تلك النقطة المتحركة لا تعلم شيئا عن تلك الدالة الواصفة لحركتها ، هي في الواقع لا تحتاجها ، هي تتحرك فقط ، ولكن السؤال الجوهري هنا ( والذي اعتبره العلم ثانويا )، ما الذي يجعل تلك النقطة تتخذ هذا المسار تحديدا دون غيره ، فضلا عن إجابة مكنيكا الكم ، بأن المشاهدة هي العامل المؤثر على التجربة ‘ فإن فاديم زيلاند نطلق من زاوية أخرى للمحاولة التفسير ؛ فليس هناك ما يمنع ( نظريا ) افتراض أن النقطة المتحركة على مستوى ديكارت تتكون من عدد لا نهائي من النقط المتحركة ، أي ( حرفيا ) ، لا يوجد لما يمنع من وجود عدد لا نهائي من الأكوان عند أي نقطة ، بأخذ نسبية الزمان والمكان بعين الاعتبار ، وما يحدث على مستوى المايكرو ، يحدث أيضا على مستوى الماكرو ، أي يمكن القول ( نظريا ) ليس هناك ما يمنع بأن تناهي الصغر هو لا نهائي وتناهي الكبر هو لا نهائي أيضا ، وأنه عند كل نقطة في هذا اللانهائي يمكن وجود عدد لا نهائي من الأكوان وبعدد لا نهائي من المستويات ، إن هذه الضخامة لا يمكن لنا أن تصورها بكليتها ، فضلا عن عدم قدرتنا على وصفها رياضيا ، فيكون ما نصفه أو ما نتصوره هو فقط ومضة من تلك الانهائية المتشعبة في جميع الاتجاهات والمستويات ، هذه اللانهائية تحتوي إذن على كل الاحتمالات الممكنة وكل المعلومات ، يسميها فاديم زيلاند فضاء الاحتمالات أو المعلومات او المتغيرات ، والذي هو عبارة عن شبكة لانهائية من الأسباب والنتائج ، هذا الفضاء يحتوي على كل شيء ، وما معرفتنا وتعريفنا للحقيقة سوى ومضة لجزء ما من هذا الفضاء متعدد الأشكال ، وكلما اختلف ذلك الجزء الذي نختاره بتلك الومضة ، اختلفت أشكال تجلي الحقيقة ، وبالتالي معرفتنا وتعريفنا لها ، بمعنى أدق " ما نختاره نحصل عليه " وللتوضيح ، قسّم فاديم زيلاند تجلي الحقيقة إلى سيناريوهات و ديكورات ، السيناريو هو طرق ترابط المتغيرات والديكور هو المظهر المادي الخارجي الذي مثله السيناريو ، وكمثال بسيط لتوضيح الفكرة ، لو أخذنا ( كمثال ) شخص فقير أو دون الحالة المادية المتوسطة ، فإن أحد سيناريوهات حياته المحتلة ، ساعات عمل طويلة ، عمل شاق ، عائد قليل جدا ، التزامات وديون على مدار العام ، علاقات متوترة مع الأسرة والمجتمع...الخ ، ولو تحدثنا عن الديكورات ، فيمكن أن نتحدث عن ؛ بيت متواضع جدا بالكاد يحتوي على أثاث وطعام ، يعمل كعامل بسيط عشر ساعات يوميا في منجم أو محجر أو شركة ضخمة ..الخ ، ويمكن تجميع السناريوهات المتشابهة في قطاعات ، فيمكن القول ( مثلا ) أن سكان قرية ما والذين يعملون جميهم في الزراعة ، جميعهم ضمن قطاع واحد من السناريوهات ، أي أنهم جميعا يعيشون سيناريوهات متشابهة تقريبا ، وكلما زادت الفروقات بين القطاعات ، زادت الفروقات بين سيناريوهات هذه القطاعات المختلفة ، تشكل مجموع السناريوهات للفرد ( أي سلاسل الأسباب والنتائج المتجلية في حياته ) مسار حياة الفرد ( قدره ) هذه السلاسل من الأسباب والنتائج لا يمكن تغييرها ، لأنها موجودة فعلا ، الحقيقة كل المسارات موجودة بسبب لانهائية فضاء الاحتمالات ، وهذا يؤكد النظرة القائلة أن القدر محتوم ولا يمكن تغييره .
ولكن لو عدنا إلى سؤال ، لماذا يظهر مسار محدد دون غيره في حياة فرد ما ؟ فإن مكنيكا الكم تجيب على هذا النوع من الأسئلة وبعدة إثباتات بأن الوعي يؤثر على المادة ، وهذا يعود بنا إلى الجملة المركزية " أنت تختار ما تريد " ، ويوضح لنا زيلاند الفكرة بطريقة بسيطة وذكية جدا ، فيقول إن كل المسارت موجودة وكامنة في فضاء الاحتمالات الانهائي ، لا تتغير ولا تتبدل وهذا منطقي جدا ، بسبب لا نهائيتها ، أي أن كل المسارات أصلا موجودة وما حركة المسار كأحداث في حياتنا سوى رؤيتنا لجزء من هذا المسار ، أي حركة الأحداث المادية على أرض ليست حركة في سلسة الأسباب والنتائج ، هذه السلاسل جميعها موجودة وثابتة لا تتغير ولا تتحرك ، بل ما يحدث حقا أن وعينا هو الذي يتحرك على طول هذه السلسلة منتجا الزمان والمكان وتجلي الاحتمالات الكامنة كأحداث مادية ، ويضرب لنا زيلاند مثالا عبقريا للتوضيح ، تخيل أن مسارا ما في فضاء الاحتمالات هو كماء في أنبوب طويل ، هذا الماء ثابت في كميته واتجاهه ، فلو بدء الماء بالتجمد من أحد طرفي هذا الأنبوب على طوله نحو الاتجاه الآخر ، فإن ما يتحرك بهذه الحالة ليس الماء بذاته بل حالة التجمد ، ولو افترضنا أننا نستطيع رؤية هذا الماء في حال تجمده فقط ، فإن هذا الماء المتجمد سيبدو لنا أنه يتخلّق من العدم كحركة مادية على أرض الواقع، والحقيقة أن التمظهر هو ما يحدث ويتحرك وليس الماء بذاته ، فإذا كان الحال كذلك ؛ كل مسارات الحياة ( الأقدار ) كامنة في فضاء الاحتمالات الانهائي ، ووعينا هو المسؤول عن تجلي مسار ما ( قدر ما ) دون الآخر ، فإننا بالتأكيد لا نستطيع تغيير سلسلة الأسباب والنتائج ( المسارات ) في فضاء الاحتمال ، ولكنا ببساطة نستطيع اختيار المسار الذي نريد ، يقول فاديم زيلاند : يمكننا اختيار مصائرنا تماما كما نختار سلعة من سوبر ماركت، ولكن هذا الاختيار لا يتحقق عبر الحلم أو الرغبة أو مجرد التفكير في مصير ما نريده لأنفسنا ، الحقيقة أن المشكلة الجوهرية هنا هي جهلنا في كيفية تحقيق هذا الاختيار ، وهذا ما سنتعلمه من الترانسرفنغ ، فالترانسرفنغ هو ، تحديدا ، طريقة مثالية واضحة وبسيطة تعلمنا يمكن نحقق عملية الاختيار لمصيرنا الذي نريده وبالكيفية التي نريدها ، إن أهمية الترانسرفنغ نابعة من سهولتها وروعتها في التطبيق ، فلا تحتاج مع الترانسرفنغ للتذمر أو الشقاء أو التعاسة إلا إذ اخترت أنت ذلك ، لا تحتاج للكد والجهد والعمل الشاق إلا إذا اخترت أنت ذلك ، مع التارنسرفنغ يمكنك ببساطة أن تسمح لأي شيء تريده بأن يتحقق لك .
اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 ترانسيرفينج الواقع- فاديم زيلاند